الليالي الرمضانية إذ تغتال !!
ضجيج يملأ الأسماع والأبصار .. وحركة دائبة في البيوت والأسواق .. وذهاب وإياب وقيل وقال .. وجلسات تمتد إلى آخر الليل في الاستراحات والمنتزهات .. والقابع في البيت إما على القنوات أو فيما يلهي عن الله وذكره إلا من رحم الله .. تلك هي حال أغلب الناس في ليالي رمضان فهذه الليالي رغم فضائلها وعظم قدرها إلا أننا لا نرى تلك الأهمية عند جلّ الناس، يتضح ذلك جلياً عندما تشاهد اهتمامات الناس وأعمالهم في هذه الليالي ناهيك عن المعاصي والمنكرات التي لا تحلو للبعض إلا في هذه الأزمنة المباركة ،
إنها مظاهر كثيرة تسلب من هذا الشهر روعته، وتفقده حلاوته، وتغتال رونقه ووضاءته، من أهم تلك المظاهر انشغال الناس وخاصة الشباب بما لا يفيد أو على أقل تقدير أنهم ينشغلون بالمفضول على الفاضل فكم يأخذك الأسى وأنت ترى تجمعات الشباب على الأرصفة أو عند أبواب الأسواق، إن هؤلاء الشباب لا بد أن يعرفوا أنهم في أمر مباح انشغلوا به عن فضائل عظيمة وعبادات جليلة ومواسم فضيلة، فمن يضمن أن يدرك رمضان القادم ليقوم الليل ويصلي ويعبد ربه ويشتغل بطاعته؟!
أما البيوت وسكانها فمعظمهم يقبعون على الشاشات في برامج مسلّية، وربما محرمة، إننا بحاجة إلى رب أسرة يجلس مع أهل بيته كل يوم جلسة قرآنية؛ يقرؤن القرآن بتدبر ويطلّعون على تفسير بعض الآيات ليعرفوا معاني القرآن وعظمته، إننا بحاجة لتلك الأم الموفقة التي تحث أبناءها لصلاة التراويح، وتجلس معهم في روحانية وتحابب مع سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وتزرع في نفوسهم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ..
ومن أسوأ تلك المظاهر التي تفقد جلال هذا الشهر وتغتال لياليه العطرة انشغال النساء عن قراءة القرآن والقيام وسائر الطاعات في البيوت فبعض النساء حالهن أسوأ ما يكون في ليالي رمضان، فيجتمعن على اللغو والقيل والقال والغيبة والنميمة من بداية الليل حتى آخره، في كل ليلة من رمضان، وبعضهن ينشغلن بالأسواق والتخفيضات ومشتريات العيد لحد الإدمان والإسراف، فمتى يدرك بعض نسائنا أن العيد ليس للتباهي والتفاخر وإبداء كل جديد من الملبوسات والأثاث والزينات؟! حتى ولو كان على حساب تلك الليالي الفاضلة التي تعتق فيها الرقاب وتنشر فيها الرحمات وتمحى فيها السيئات ..
ولا يفهم من هذا أن الذهاب إلى الأسواق أو الجلوس مع الأهل والأصحاب والترفيه البريء لا يجوز بل اللامعقول أن يكون هذا الحال ديدن بعض الناس وعادتهم من أول الشهر إلى آخره ومن أول كل ليلة إلى منتهاها...
أي خسارة تلك التي تلحق الإنسان المسلم حين يدرك آخر يوم من أيام رمضان ولم يغفر له ولم يحسّ بطعم العبودية لله ولم تنهمل عيناه بالدموع خوفاً من مولاه ورغبة فيما عنده إنها الخسارة العظمى والغبن الفاحش والمصاب الجلل فأين المشمرون إلى الجنان وقد فتحت أبوابها وزينت درجاتها ؟؟ عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
صلاح عبدالشكور – مكة المكرمة
--
إن عظيم الهمة لا يقنع بملء وقته بالطاعات
إنما يفكر أن لا تموت حسناته بموته
إنما يفكر أن لا تموت حسناته بموته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق