الصفحات

الأحد، نوفمبر 13

حج هذا العام كان مختلفا ، مقالة مؤثرة وجديرة بالقراءة بقلم إحدى الداعيات

هذه رسالة وصلتني من إحدى الداعيات

رأيت نشرها لما فيها من الفائدة

بعض الدروس المستقاة من حج عام 1432هـ .. تقبله الله

بسم الله الرحمن الرحيم



حج هذا العام كان مختلفا بالنسبة لي لا لأني تنقلت بقطار المشاعر فحسب - جزى الله من فكر به وقام عليه خيرا - بل لأني التقيت بحديثات عهد بإسلام ..  حلقن بي بعيدا عن أرض الواقع .. رأيت من حرصهن على حجهن الشيء العجيب .. تعلمت منهن الدروس واستلهمت العبر .. كان قلبي يقودني لمجلس الناطقات بغير اللغة العربية قودا رغم أن هناك مجالس للناطقات باللغة العربية إلا أن نفسي تهفو لهن

وما سأطبعه في الأسطر القادمة سينصب على بعض ما تعلمته منهم دون ذكر للأسماء :




1. .... زنجية أمريكية سمراء البشرة تقبع في آخر المجلس بهدوء وسكينة ..

لم أدخل على مجلسهم إلا وفي يدها كتاب أدعية تقرؤه أو مصحفا ترتله ..

اجتمعتُ بأخواتها الناطقات بغير اللغة العربية في أكثر من محفل غير أنها تأبى الجلوس معنا..

أدهشني أمرها وحبها للعزلة .. وكأن لسان حالها : لا أريد سماع مواعظ البشر ... أريد الانفراد بربي .. دعوني وشأني أناجي خالقي وسيدي ..

دفعني فضولي لسؤال المترجمة عنها فأخبرتني بخبرها ..

قرأتْ عن الإسلام قبل 20 سنة فاقتنعت به وعزمت على الدخول فيه فنازعتها نفسها في حب زوجها إما أن تتخلى عنه لأجل دينها الجديد الذي ستعتنقه أو تبقى معه رغم تعلقها بالإسلام ، جاء المحك الحقيقي للولاء والبراء وهي لم تدلف باب الدين ، غير أنها أبت أن تعتنقه دون أن تلم بتعاليمه بصورة مجملة ..

حاولت إقناع زوجها ليتحول عن دينه فأبى !!

فاختارت باب العبودية وكمال الاستسلام لمولاها وخالقها وفرطت في من أحبته حبا صادقا .. هذا هو الدين الحق إذا باشر القلوب وأذاقها حلاوة الإيمان يرغمها على الاستلام والإذعان بعز وافتخار .. دون تساهل أو تردد أو جدال .

رأيتها في عرفة وهي تلح على الله بالدعاء بذل وانكسار .. فسألتُ المترجمة يوم العيد عن شعورها فقالت : شعور لا يوصف ..كانت تدعو بعرفة لطليقها زوجها السابق بأن يمن الله عليه بالإسلام !!

يالله ما أجمل الوفاء ..

حين ذاقت لذة العبودية والانكسار تذكرت من أحبته في يوم ما وذكرت جميل عشرته وطيب مناقبه وحسن شمائله .. ولم ينسها عفو السنين وتعاقبها ..

لله درك من امرأة وفية .. أحبت لغيرها ما أحبته لنفسها ..




2. .... بلجيكية الجنسية شقراء الشعر ، شديدة البياض ، سماوية العينين ، عمر إسلامها 4أشهر فقط ، كان سبب إسلامها قرب القريب من عباده !!

زوجها مسلم منذ أكثر من 20 سنة ، وتراه كلما أصابه هم أو غم  أو احتاج أمرا أو أذنب ذنبا فزع لسجادته وناجى خالقه ومولاه ..

وهي كلما أذنبت أو أصابها هم أو احتاجت أمرا انتظرت يوم الأحد لتذهب للكنيسة فتفضح نفسها عند القسيس وتخبره بكل مافي خاطرها ..

فجلست جلسة مصارحة مع نفسها ذات يوم وقالت: أي دين هذا الذي يجعل هناك واسطة بين العبد وربه ؟!!

ربنا قريب يسمعنا

ربنا يرانا .. لست بحاجة لقساوسة بعد اليوم وأشهرت إسلامها ثبتنا الله وإياها..

سألتني مغرب يوم عرفة :  متى سنذهب لمزدلفة ؟

فأخبرتها بعد قليل حين يحين موعد  انطلاق حملتنا للقطار

قالت : ثم ماذا ؟

قلت : ننام فإذا استيقظنا سرنا لرمي الجمرة في منى .

قالت : متى أقصر شعري ؟

قلت : بعد الرمي نذهب لمنزلنا في الحملة لنقصر شعورنا قدر أنملة .

قالت : متى نذهب للطواف ؟

قلت : اجمعي الإفاضة مع الوداع فهو أيسر لك ، وأحفظ من كثرة مخالطة الرجال .

قالت : كلا !! سأنطلق للحرم وأطوف كما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم ..

ذلكم الإيمان الصادق إذا باشر القلب أبى إلا اتباع السنة بحذافيرها ..



أخذت اعقد مقارنة بين حرصها رغم قصر عمر إسلامها مع بعض الأخوات في المجالس الأخرى اللاتي ولدن مسلمات في بيئة مسلمة وتربين في أرض التوحيد ومهبط الوحي ومع ذلك فيتتبعن الرخص في كل شيء ، مع كمال نشاطهن وتمام عافيتهن ، لكنها الرفاهية الزائدة اللاتي تربين عليها !!


طلبتُ من المترجمة يوم العيد أن تسألها  عن شعورها في عرفة ؟

قالت : شعور غريب جدا ، شعرت بقرب ربي مني وكأنه أمامي ، ثم فاضت عينها بالدموع .. ثم أكملت قولها : غير أني حزنت في مزدلفة حين وجدت الحملة قد وضعت لنا ( رواقا ) وفرشت لنا الأرض بالسجاد ووضعت الفرش والبطانيات وجهزت دورة مياة خاصة بنا ، وأحضرت الأكل ، نحن مجموعة بسيطة قدمت لنا هذه الخدمات المميزة أما غيرنا من كانوا خارج ( رواق ) حملتنا لا يملكون مانملك من الرفاهية ، هل يوم القيامة سأكون من المميزين الذين تقدم لهم خدمات جليلة فلا يشعرون بالتعب كما يشعر غيرهم ؟!!!!

  

أحسبها ممن يتذوق معاني الحج ولا أزكيها .. ثبتنا الله وإياها ..

 

3. .... لبنانية الأصل فرنسية الجنسية واللغة ، تتحدث اللغة الإنجليزية والفرنسية بطلاقة أما العربية فمكسرة كسورا مضاعفة ، مسلمة بالاسم فقط ، لم تصلي إلا قبل 7 سنوات .. وحين اقتنعت بالصلاة سألت شيخا أزهريا هل يجب عليها الحجاب أثناء الصلاة ؟ فأجابها : لا ، لأنها تقابل ربها الذي يراها في كل أحوالها والحجاب لم يشرع إلا ليسترها عن نظر الأجانب إذا خرجت من منزلها  ، فكيف تستتر عن ربها ؟!!!

تعجبتْ من الأخوات حين يشرعن في الصلاة يبادرن للتستر فسألتهن بعفوية لم تفعلن ذلك ؟ فأجبنها ..

لم تقتنع حتى سألتني ..

وكانت صاحبتها الفرنسية بجوارها تستمع لي فقالت بحرقة: هل تعلم أمور ديني صعب مع عملي وبيتي ؟!

هل وجدت صعوبة يا أبرار أثناء تعلمك للشرع ؟

هل وكيف ومتى .. .. ؟

قلت لها : لماذا تريدي تعلم الشريعة ؟

قالت : حتى أقدم على ربي وقد عبدته كما أمر  ، وأحمي ديني من تلك الفتاوى الشاذة !



جملة نقشت في قلبي لو استشعرها كل طالب علم ما أظنه إلا سيسارع فيه ..

(( أقدم على ربي وقد عبدته كما أمر ، وأحمي ديني من تلك الفتاوى الشاذة ))





4. ... هندية الأصل أمريكية المولد والجنسية .. رأيت من حرصها على مجلس العلم ما يثلج الصدر وتلح علي ألا أبدأ الدرس إلا بوجودها .. وتكثر من الأسئلة دلالة حرصها على العلم وطلبه .. زادها الله وثبتها .. سألتهم في إحدى المجالس لماذا تقرأن القرآن .. تباينت الإجابات ، غير أن إجابتها اقشعر لها جسدي حين قالت : أقرأه لأشعر بالأمان والاحتواء على الرغم أني لا أفهم منه شيئا لكني أقرأ لتسكن نفسي وليطمئن قلبي ..



ما أعظم كلام ربي !!

{ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ  }

{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }





5. .... فلسطينية الأصل كندية المولد والجنسية تتقن اللغتين العربية والإنجليزية .. هي المترجمة لي – جزاها الله عني خيرا  وفك أسر ابن خالتها (المحكوم عليه 75 سنة) وكل أسير –  قالت جملة لازال صداها في أذني ، حين كنت أحدثهم عن مقاصد الحج وأنه صورة مصغرة ليوم القيامة ، وإذ بإحدى الأخوات المشرفات تحمل كيكة العيد لمجلس الناطقات بغير اللغة العربية وتقطع علينا الدرس لتهنئنا بالعيد ووضعت الكيكة وخرجت .

فقالت تلك الأخت : في الصباح حلوى (باتشي) وفي المساء (تورتة) العيد

والله إنا في جهاد ..حتى ونحن في الحج في المشهد المصغر ليوم القيامة تلحقنا الدنيا .. نحن تركناها خلفنا وهي تركض ورائنا لتفتنا بزينتها .. رباه اعصمنا ..



اللهم آمين ..




ختاماً : أوصي نفسي وإخواني وأخواتي طلاب العلم وطالباته بالحرص على تعلم اللغة السائدة لغة التخاطب بين الشعوب الغير عربية فإخواننا وأخواتنا في أمس الحاجة لنا ولما رزقنا الله فلا نبخل عليهم ، فكم من الأمور هي من المسلمات لدينا إلا أن معرفتهم لها تعتبر كنزا ثمينا ..



وأهيب بأخواتي في مدينة جدة وماحولها ممن يتمكن من زيارة الأخوات اللاتي رافقنني في الحج واللاتي يعملن في مدينة الملك عبدالله الجامعية بثول أن يبادرن بالتواصل معي لترتيب جداول مقننة في شرح الأصول الثلاثة والقواعد الأربعة وكتاب التوحيد وغيره .. فهن متعطشات جدا للعلم الشرعي  والتفقه في الدين ..



*الأولوية لمن تتقن اللغة الإنجليزية ..



وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ..

بقلم

أبرار بنت فهد

هناك تعليقان (2):

أم محمد/ الكويت يقول...

جزاك الله خيرا على عرض هذه المقالة النافعة ...سددكم الله ونفع بكم ..عسى ربي أن يستعملنا في نصرة دينه

قطرات الندى يقول...

مقالة رائعة جزاكم الله خيرا ونفع بكم

إرسال تعليق